فصل: 5596- عمر بن الحسن الأشناني القاضي أبو الحسين، صاحب ذاك المجلس.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لسان الميزان (نسخة منقحة)



.5593- ذ- عمر بن حبيب.

يروي عن إسحاق.
قال الدارقطني في العلل: كان سَيِّءَ الحفظ.
كذا ذكر شيخنا ثم قال: ذكر في الميزان اثنين هما أقدم من هذا.
قلت: الذي يتبادر أنه عمر بن حبيب المكي المذكور في الميزان.
فإن هذه العبارة وردت للدارقطني في حقه وليراجع كتاب العلل لاحتمال أن يكون فيه أنه روى، عَنِ ابن إسحاق فسقطت (ابن) وبإثباتها يصير من الطبقة.

.*- (ز): عمر بن حجاج.

يَأتي فِي عمر بن حفص [5599].

.5594- (ك): عمر بن الحسن الراسبي.

عن أبي عوانة.
لا يعرف، وأتى بخبر باطل متنه: علي سيد العرب. انتهى.
وقد أخرج الحاكم هذا الحديث في مناقب علي فقال: حدثنا أبو العباس المحبوبي حَدَّثَنا محمد بن معاذ حَدَّثَنا عمر بن الحسن الراسبي حَدَّثَنا أبو عوانة، عَن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن عائشة مرفوعا: أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب.
ثم ذكر له متابعا من طريق حسين بن علوان عن هشام، عَن أبيه، عَن عائشة وشاهدا من طريق عمر بن موسى الوجيهي، عَن أبي الزبير عن جابر.
وابن علوان تقدم أنه كذاب [2574] وستأتي ترجمة الوجيهي وأنهم كذبوه أيضًا [5698].
وقال: صحيح، وأرجو أن عمر بن الحسن صدوق، وتعقبه الذهبي في تلخيصه فقال: قلت: أظن أنه هو الذي وضعه.

.5595- عمر بن الحسن المدائني.

عن الحسن، عَن عَبد الله بن مغفل.
لا يعرف.
تفرد عنه إسماعيل بن عبد الله بن زرارة، انتهى.
ذكره الخطيب في تاريخه وساق حديثه ومتنه: تزوج رجل من الأنصار امرأة في مرضه فقالوا لا يجوز وهو من الثلث فارتفعوا في ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النكاح جائز، وَلا يجعل من الثلث.

.5596- عمر بن الحسن الأشناني القاضي أبو الحسين، صاحب ذاك المجلس.

روى عن موسى الوشاء، وَابن أبي الدنيا.
وعنه أبو الحسين بن بشران وأبو الحسن بن مخلد.
ضعفه الدارقطني، وَالحسن بن محمد الخلال. ويروى عن الدارقطني أنه كذاب ولم يصح هذا ولكن هذا الأشناني صاحب بلايا.
قال الدارقطني: حدثنا عمر بن الحسن بن علي حَدَّثَنا محمد بن هشام المروزي- هو ابن أبي الدميك موثق- حَدَّثَنا محمد بن حبيب الجارودي حَدَّثَنا سفيان بن عيينة، عَنِ ابن أبي نجيح عن مجاهد، عَنِ ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ماء زمزم لما شرب له إن شربت لتستشفي به شفاك الله، وإن شربت لتشبع أشبعك الله، وإن شربت لقطع ظمئك قطعه الله، وهي هَزْمة جبريل، وسقيا الله إسماعيل».
وابن حبيب صدوق فآفته هذا هو عمر ولقد أثم الدارقطني بسكوته عنه فإنه بهذا الإسناد باطل ما رواه ابن عيينة قط بل المعروف حديث عبد الله بن المؤمل، عَن أبي الزبير، عَن جَابر مختصرا.
مات في سنة 339, انتهى.
والذي يغلب على الظن أن المؤلف هو الذي أثم بتأثيمه الدارقطني فإن الأشناني لم ينفرد بهذا، بل تابعه عليه في مستدركه الحاكم، ولقد عجبت من قول المؤلف: ما رواه ابن عيينة قط، مع أنه رواه عنه الحميدي، وَابن أبي عمر وسعيد بن منصور، وَغيرهم من حفاظ أصحابه إلا أنهم وقفوه على مجاهد لم يذكروا ابن عباس فيه فغايته أن يكون محمد بن حبيب وهم في رفعه.
وقال الحاكم بعد تخريجه: صحيح إن سلم من الجارودي.
وقال أيضًا: دخلت عليه، يعني الأشناني- وبين يديه كتاب الشفعة فنظرت فإذا فيه، عَن عَبد العزيز بن معاوية، عَن أبي عاصم عن مالك، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد، وَأبي سلمة، عَن أبي هريرة. وبجنبه، عَن أبي إسماعيل الترمذي، عَن أبي صالح، عَن عَبد العزيز بن عبد الله الماجشون عن مالك به.
وذلك أنه بلغه أن الماجشون جوده فتوهمه أنه عبد العزيز.
فقلت له: قطع الله يد من كتب هذا ومن يحدث به، ما حدث به إسماعيل، وَلا أبو صالح، وَلا الماجشون فما زال يداريني حتى أخذه من يدي وانصرفت إلى المنزل فلما أصحبت دق غلامه الباب فخرجت إليه فما زال يتلافى ذلك بأنواع من البر.
ورأيت في كتابه: عن أحمد بن سعيد الحمال عن قبيصة عن الثوري
عن عُبَيد الله بن عمر عن نافع، عَنِ ابن عمر رضي الله عنهما: نهى عن بيع الولاء وعن هبته. وكان يكذب.
وقال الخطيب: حدث في أيام الحربي وله بهذا أعظم الفخر وفيه دليل على أنه كان في أعين الناس عظيما ومحله كان عندهم جليلا.
قال طلحة بن محمد: وكان من جلة الناس ومن أصحاب الحديث المجودين وأحد الحفاظ وقد حدث حديثا كثيرا وحمل الناس عنه قديما وحديثا.
وسئل عنه أبو علي الهروي فقال: إنه صدوق.
وقال الحاكم: قلت: إن أصحابنا ببغداد يتكلمون فيه فقال: ما سمعنا أحدا يقول فيه أكثر من أنه يرى الإجازة سماعا وكان لا يحدث إلا من أصوله.
قال الحاكم: قلت للدارقطني: سألت أبا علي الحافظ عنه فذكر أنه ثقة فقال: بئس ما قال شيخنا أبو علي.

.5597- عمر بن الحسن أبو الخطاب بن دحية الأندلسي المحدث [وهو عمر بن دحية، وله عدة كنى: أبو الفضل، أبو حفص، أبو علي الداني الكلبي].

متهم في نقله مع أنه كان من أوعية العلم.
دخل فيما لا يعنيه، من ذلك: أخبر ينسب نفسه فقال: عمر بن حسن بن علي بن محمد بن فرح بن خلف بن قومس بن مزلال بن ملال بن أحمد بن بدر بن دحية بن خليفة الكلبي، فهذا نسب باطل لوجوه:
أحدها: أن دحية لم يعقب.
الثاني: أن على هؤلاء لوائح البربرية.
وثالثها: بتقدير وجود ذلك، قد سقط منه آباء فلا يمكن أن يكون بينه وبينه عشرة أنفس.
وله أسمعة كثيرة بالأندلس، وحدث بتونس في حدود التسعين وخمس مِئَة وقدم البلاد ودخل العجم ولحق أبا جعفر الصيدلاني وسمع حديث الطبراني عاليا.
وكان بصيرا بالحديث لغته ورجاله ومعانيه وأدَّب الملك الكامل في شبيبته فلما ملك الديار المصرية نال ابن دحية دنيا ورياسة. وكان يزعم أنه قرأ صحيح مسلم من حفظه على شيخ بالمغرب.
قال الحافظ الضياء: لم يعجبني حاله كان كثير الوقيعة في الأئمة ثم قال: أخبرني إبراهيم السنهوري أن مشايخ الغرب كتبوا له جرحه وتضعيفه قال: فرأيت أنا منه غير شيء مما يدل على ذلك.
قلت: وذكر أنه حدثه بالموطأ عاليا أبو الحسن بن حنين الكناني، وَابن خليل القيسي قالا: حدثنا محمد بن فرج الطلاع.
أقول: فأما ابن خليل فإنه سكن مراكش وفاس وكان ابن دحية بالأندلس، فكيف لقيه وسمع منه؟ وكذلك ابن حنين فإنه خرج عن الأندلس ولم يعد، بل سكن مدينة فاس ومات بها سنة 569!.
فبالجهد أن يكون ابن دحية روى الموطأ عن هذين بالإجازة فالله أعلم، أو استباح ذلك على رأي من يسوغ قول: حدثني بكذا ويكون إجازة، لكنه قد صرح بالسماع فيما أرى.
وقال قاضي حماة ابن واصل: كان ابن دحية مع فرط معرفته بالحديث وحفظه الكثير له متهما بالمجازفة في النقل وبلغ ذلك الملك الكامل فأمره أن يعلق شيئا على كتاب الشهاب فعلق كتابا تكلم فيه على أحاديثه وأسانيده فلما وقف الكامل على ذلك قال له بعد أيام: قد ضاع مني ذاك الكتاب فعلق لي مثله ففعل فجاء في الكتاب الثاني مناقضة للأول فعرف السلطان صحة ما قيل عنه وعزله من دار الحديث الكاملية آخرا، ثم ولَّى أخاه أبا عَمْرو عثمان.
قلت: وقيل: إنما عزله لأنه حصل له تغير ومبادىء اختلاط.
وله عدة كنى: أبو الفضل، أبو حفص، أبو علي الداني الكلبي، وكان يحمق ويتكبر ويكني نفسه ويكتب: ذو النسبتين بين دحية والحسين. فلو صدق في دعواه لكان ذلك رعونة كيف وهو متهم في انتسابه إلى دحية الكلبي الجُمَيِّل صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم!.
وإنما جرأه على ذلك لأنه كلبي نسبة إلى موضع من ساحل دانية ويقال: الكلفي بين الفاء والباء ولهذا كان يكتب أولا الكلبي معا.
وأما انتسابه إلى الحسين عليه السلام، فهو أنه من قبل جده لأمه فإن جده عَلِيًّا هو الملقب بالجميل تصغيرا للجمل بالعبارة المغربية وكان طويلا أعنق، فوالدة الجميل هي ابنة الشريف أبي البسام العلوي الحسيني الكوفي ثم الأندلسي. وكان والده الحسن بن علي تاجرا من أهل دانية قرأ القرآن على جده لأمه الشيخ عتيق بن محمد.
قال ابن مسدي: رأيت الحذاق من علماء المغرب لا يزيدون على ذكر جدهم فرح إلا التعريف ببني الجميل، وقد كان أخوه أبو عَمْرو عثمان يلقب بالجمل ابن الجُميل.
وكان أبو الخطاب علامة نزل مصر في ظل ملكها إلى أن مات، وقد كان ولي قضاء دانية فأتي بزامر فأمر بثقب شدقه وتشويه خلقه وأخذ مملوكا له فجبه واستأصل أنثييه وزُبَّه، فرفع ذلك إلى المنصور ملك الوقت وجاءه النذير فاختفى وخرج خائفا يترقب فعرج نحو إفريقية وشرق ثم لم يعد.
وكان قبل قد قدم تاجرا. وسمع من محمد بن عبد الرحمن الحضرمي ومن الخشوعي ولما عاد إلى الأندلس حدث بمقامات الحريري، عَنِ ابن الجوزي عن المؤلف وليس بصحيح.
وسمع بالأندلس من ابن خير، وَابن بشكوال والسهيلي وجماعة ثم رأيت بخطه أنه سمع بين الستين إلى السبعين وخمس مِئَة من جماعة كأبي بكر بن خير واللواتي، وَأبي الحسن بن حنين وليس ينكر عليه.
قلت: بل ينكر عليه كما قدمنا.
قال: وله تآليف تشهد بِاطِّلاعه.
قلت وفي تآليفه أشياء تنقم عليه من تصحيح وتضعيف.
ومولده سنة 542، أو بعد ذلك.
وقال ابن نقطة: كان موصوفا بالمعرفة والفضل إلا أنه كان يدعي أشياء لا حقيقة لها، وذكر أبو القاسم بن عبد السلام قال: أقام عندنا ابن دحية فكان يقول: أحفظ صحيح مسلم والترمذي قال: فأخذت خمسة أحاديث من الترمذي وخمسة من المسند وخمسة من الموضوعات فجعلتها في جزء فعرضت حديثا من الترمذي عليه فقال: ليس بصحيح وآخر فقال: لا أعرفه، ولم يعرف منها شيئا.
مات أبو الخطاب في ربيع الأول سنة 633. انتهى.
وقد تقدمت الإشارة إلى أن الكامل عزله بسبب اختلاطه في ترجمة أخيه عثمان [5105].
وفي تاريخ ابن جرير في حوادث سنة 126: فيها نَدَبَ يزيد بن الوليد لولاية العراق عبد العزيز بن هارون بن عبد الله بن دحية بن خليفة الكلبي فأبى. فهذا يدل على غلط من زعم أن دحية لم يعقب.
وقال ابن النجار: رأيت الناس مجمعين على كذبه وضعفه وادعائه سماع ما لم يسمعه ولقاء من لم يلقه وكانت أمارات ذلك عليه لائحة.
وحدثني بعض المصريين قال: قال لي الحافظ أبو الحسن بن المفضل وكان من أئمة الدين قال: كنا بحضرة السلطان في مجلس عام وهناك ابن دحية فسألني السلطان عن حديث فذكرته له فقال لي: من رواه؟ فلم يحضرني إسناد في الحال فانفصلنا.
فاجتمع بي ابن دحية في الطريق فقال لي: ما ضرك لما سألك السلطان عن إسناد ذاك الحديث لمَ لمْ تذكر له أي إسناد شئت؟ فإنه ومن حضر مجلسه لا يعلمون هل هو صحيح أم لا؟ وكنت قد ربحت قولك: لا أعلم، وتعظم في عينيه وعين الحاضرين قال: فعلمت أنه متهاون جريء على الكذب.
قال ابن النجار: وذكر أنه سمع كتاب الصلة لابن بشكوال من مصنفه وكان القلب يأبى سماع كلامه ويشهد ببطلان قوله وكان الكامل يعظمه ويحترمه ويعتقد فيه ويتبرك به حتى سمعت أنه كان يسوي له المداس إذا قام.
قال: وكان صديقنا إبراهيم السنهوري دخل إلى الأندلس فذكر لمشايخها حال ابن دحية وما يدعيه فأنكروا ذلك وأبطلوا لقاءه لهم وأنه إنما
اشتغل بالطلب أخيرا وأن نسبه ليس بصحيح. وكتب السنهوري بذلك محضرا وأخذ خطوطهم فيه فعلم ابن دحية بذلك فشكاه للسلطان فأمر بالقبض عليه وضرب وجرس على حمار وأخرج من القاهرة وأخذ ابن دحية المحضر فحرقه.
قال: وحضرت معه مجلس السلطان مرارا وكان يحضر في كل جمعة فيصلي عند السلطان ويقرأ عليه شيئا من مجموعاته وكان حافظا ماهرا في علم الحديث حسن الكلام فيه فصيح العبارة تام المعرفة بالنحو واللغة وله كتب نفيسة.
وكان ظاهري المذهب كثير الوقيعة في الأئمة وفي السلف من العلماء خبيث اللسان أحمق شديد الكبر قليل النظر في أمور الدين متهاونا.
حدثني علي بن الحسن أبو العلاء الأصبهاني وناهيك به جلالة ونبلا قال: لما قدم ابن دحية علينا أصبهان نزل على أبي في الخانكاه فكان يكرمه ويبجله فدخل على والدي يوما ومعه سجادة فقبلها ووضعها بين يديه وقال: صليت على هذه السجادة كذا كذا ألف ركعة وختمت عليها القرآن في جوف الكعبة مرات قال: فأخذها والدي وقبلها ووضعها على رأسه وقبلها منه مبتهجا بها.
فلما كان آخر النهار حضر عندنا رجل من أهل أصبهان فتحدث عندنا إلى أن اتفق أنه قال: كان الفقيه المغربي الذي عندكم اليوم في السوق فاشترى سجادة حسنة بكذا وكذا فأمر والدي بإحضار السجادة فقال الرجل: إي والله هذه هي فسكت والدي وسقط ابن دحية من عينه.
وأرخ وفاته في ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وست مِئَة.
ومن تركيبات ابن دحية أنه حدث بصحيح مسلم بسماعه له زعم من
القاضي أبي عبد الله بن زرقون أخبرنا به أحمد بن محمد الخولاني أخبرنا الحافظ أبو ذر الهروي أخبرني أبو بكر الجوزقي أخبرنا أبو حامد بن الشرقي أخبرنا مسلم.
وهذا إسناد مركب ولم يسمع أبو ذر من الجوزقي في صحيح مسلم على الوجه وإنما سمع منه أحاديث من حديث مسلم كان الجوزقي يرويها، عَنِ ابن الشرقي وعن مكي بن عبدان عن مسلم. نعم للجوزقي من مكي إجازة عن مسلم.
وهذا الإسناد خفي على من لم يعرف طريقة المغاربة في تجويزهم إطلاق أخبرنا في الإجازة، وَلا ريب في صحة إجازة كل من ذكر في هذا الإسناد عمن رواه عنه والله أعلم.
وقد ذكره أبو حيان فقال: ومن خطه نقلت اشتهر بهذه البلاد في أفواه شبان المحدثين أنه تكلم فيه، وَلا يبعد سماعه من ابن زرقون فقد سمع من تلك الحلبة كالسهيلي، وَغيره وقد وجدت سماعه بالأندلس على هذه الطبقة التي فيها ابن زرقون.
ورأي المغاربة في أبي الخطاب غير رأي أهل ديار مصر.
ذكره الحافظان المؤرخان أبو عبد الله الأبار وأبو جعفر بن الزبير قال فيه الأبار: كان بصيرا بالحديث معتنيا بتقييده مكبا عليه حسن الخط معروفا بالضبط له حظ وافر من اللغة ومشاركة في العربية وسواها وله تآليف.
وقال ابن الزبير: كان معتنيا بالعلم مشاركا في فنونه ذاكرا للتاريخ والأسانيد والرجال والجرح والتعديل سنيا مجانبا لأهل البدع سريا نبيلا عرفني بحاله وحال أخيه أبي عَمْرو عثمان الشيخان أبو الخير الغافقي وأبو الخطاب بن خليل
وكانا قد صحباهما طويلا وخبراهما جملة وتفصيلا إلا أنهما ذكراهما بانحراف في الخلق وتقلب لم يشنهما غيره. ووصفاهما مع ذلك بالثقة والنزاهة والاعتناء والعدالة.
وقال ابن عساكر في رجال مالقة في ترجمة ابن دحية: سكن القاهرة في أيام الكامل فكان له عنده من الجاه والمحل ما لم يصل إليه غيره وكان شاعرا مطبوعا إلا أنه كان يتهم في الرواية لأنه كان مكثارا.
قلت: فهذا مغربي وافق المصريين ووافق المصريين أيضًا من تقدم ذكره من أهل الشام والعراق.
وممن وافق إلى الطعن فيه ابن عبد الملك في الصلة فإنه قال في ترجمة أبي جعفر أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن سعيد بن حريث: نسبه أبو الخطاب بن الجُميل في معجم شيوخه الذي جمعه له أبو الخطاب فزاد بعد حريث فقال: ابن عاصم بن مضاء بن مهند بن عمير اللخمي فوافقه عليه إلا في ذكر مهند بن عمير فإنه أنكرهما فقال له أبو الخطاب: يا سيدي هما جداك ذكرهما فلان فتوقف الشيخ.
قال ابن عبد الملك: وهذا النسب منقطع لبعد عصر أحمد من عصر حريث، فقد ذكر بعض من صنف للناصر أبي المطرف: عبد الرحمن بن محمد صاحب الأندلس في سنة ثلاثين وثلاث مِئَة أخبار المروانيين ومن دخل معهم الأندلس جماعة من اللخميين منهم: النجاشي بن عاصم بن حريث بن عاصم بن مضاء بن مهند.
فلو صح هذا لكان النجاشي عم جد صاحب الترجمة وهو مقطوع ببطلانه في العادة فلعل ذلك من تركيبات أبي الخطاب ولذلك أنكره أحمد بن عبد الرحمن.
وقال ابن الدبيثي: أملى علينا نسبه فكتبناه عنه وكان يسمي نفسه: ذا النسبتين وهو مغربي من أهل سبتة وأظنه كان قاضيها فاضل له معرفة حسنة بالنحو واللغة وأَنَسَة بالحديث والفقه على مذهب مالك.
وكان يقول: أحفظ صحيح مسلم وقرأته على بعض شيوخ المغرب من حفظي ويدعي أشياء كثيرة ثم ذكر رحلته... إلى أن قال: وعاد إلى مصر من الشام فأقام بها ملتحقا بأمرائها ولم يكن الثناء عليه جميلا.